يبدأ شوشة كتابه بالحديث عن المنخل اليشكري والذي اتهمه النعمان بن المنذر بامرأته المتجردة، وكانت بارعة الجمال فأغرقه أو دفنه حياً، ويضرب به المثل لمن هلك ولم يعرف له خبر، وكانت "فتاة الخدر" هي قصيدته الشهيرة التي قالها في زوجة النعمان وقال فيها:
إِن كُنتِ عاذِلَتي فَسيري
نَحوَ العِرقِ وَلا تَحوري
لا تَسأَلي عَن جُلِّ مالي
وَاِنظُري كَرَمي وَخيري
وَفَـوارِسٍ كَأُوارِ حَررِ
الـنارِ أَحـلاسِ الذُكورِ
شَـدّوا دَوابِـرَ بَيضِهِم
فـي كُلِّ مُحكَمَةِ القَتيرِ
وَاِسـتَـلأَموا وَتَـلَبَّبوا
إِنَّ الـتَـلَبُّبَ لِـلمُغيرِ
وَعَلى الجِيادِ المُضمَراتِ
فَـوارِسٌ مِثلُ الصُقورِ
يَـعكُفنَ مِـثلَ أَسـاوِدِ
الـتَنّومِ لَم تَعكَف بِزورِ
وينتقل بنا إلى فتى قريش المدلل عمر بن أبي ربيعة في واحدة من أشهر قصائده والتي قالها في محبوبته "نعم".
أَمِـــن آلِ نُــعـمٍ أَنـــتَ غـــادٍ فَـمُـبكِرُ
غَـــــداةَ غَـــــدٍ أَم رائِــــحٌ فَـمُـهَـجِّـرُ
لِـحـاجَةِ نَـفـسٍ لَــم تَـقُل فـي جَـوابِها
فَـتُـبـلِـغَ عُــــذراً وَالـمَـقـالَـةُ تُــعــذِرُ
تَـهـيمُ إِلــى نُـعـمٍ فَـلا الـشَملُ جـامِعٌ
وَلا الحَبلُ مَوصولٌ وَلا القَلبُ مُقصِرُ
وَلا قُــــــــربُ نُــــعــــمٍ إِن دَنَــــــــت
وَلا نَـأيُـهـا يُـسـلـي وَلا أَنــتَ تَـصـبِرُ
وَأُخــرى أَتَـت مِـن دونِ نُـعمٍ وَمِـثلُه
نَـهى ذا الـنُهى لَـو تَـرعَوي أَو تُفَكِّرُ
إِذا زُرتُ نُـعـماً لَــم يَــزَل ذو قَـرابَـةٍ
لَـــهـــا كُــلَّــمــا لاقَــيــتُـهـا يَــتَـنَـمَّـرُ
عَـــزيــزٌ عَــلَــيـهِ أَن أُلِــــمَّ بِـبَـيـتِـها
يُـسِرُّ لِـيَ الـشَحناءَ وَالـبُغضُ مُظهَرُ
أَلِــكــنـي إِلَــيــهـا بِــالـسَـلامِ فَــإِنَّــهُ
يُــشَــهَّـرُ إِلــمــامـي بِـــهــا وَيُــنَـكَّـرُ
المؤنسة "لمجنون ليلى"
قيس بن الملوح أشهر العاشقين وأحد أعلام الحب العذري، والذي ضرب به المثل للعشق الصادق الذي صرع صاحبه، هذا الفتى الغيور الذي أنشد حباً خالصاً له.
تَـذَكَّـرتُ لَـيـلى وَالـسِـنينَ الـخَوالِيا
وَأَيّـامَ لا نَـخشى عَـلى الـلَهوِ ناهِيا
بِـثَمدَينِ لاحَـت نـارَ لَـيلى وَصَحبَتي
بِذاتِ الغَضا تَزجي المَطِيَّ النَواجِيا
فَـقـالَ بَـصيرُ الـقَومِ أَلـمَحتُ كَـوكَباً
بَــدا فــي سَـوادِ الـلَيلِ فَـرداً يَـمانِيا
فَـقُـلتُ لَــهُ بَــل نــارَ لَـيـلى تَـوَقَّدَت
بِـعَـليا تَـسـامى ضَـوؤُهـا فَـبَـدا لِـيا
مَـن بِالعِراقِ لَقَد أَبعَدتِ مَرماكِ
ياليل الصب متى غده؟
إحدى القصائد الشهيرة للحصري القيرواني، وهي قصيدة من عيون الشعر العربي ذاعت شهرتها في أندية الأدب ومجالس الغناء وتناقلتها الناس، وعارضها الشعراء، ويتناول فيها الشاعر باسلوبه المرهف ولغته الرقيقة شتى ما يدور عادة على لسان المحبين ويفضح أسرار نجواهم ومكنون قلوبهم.
يـا ليلُ الصبُّ متى غدُه أقـيامُ الـسَّاعةِ مَـوْعِدُهُ
رقـــدَ الـسُّـمَّارُ فـأَرَّقـه أســـفٌ لـلـبـيْنِ يــردِّدهُ
فـبـكاهُ الـنجمُ ورقَّ لـه مـمّـا يـرعـاه ويـرْصُدهُ
كـلِفٌ بـغزالٍ ذِي هَـيَفٍ خـوفُ الواشين يشرّدهُ
نصَبتْ عينايَ له شرَكاً فـي الـنّومِ فـعزَّ تـصيُّدهُ
وكـفى عجباً أَنِّي قنصٌ لـلسِّرب سـبانِي أغْـيَدهُ
صـنـمٌ لـلـفتنةٍ مـنتصبٌ أهـــــواهُ ولا أتــعــبَّـدُهُ
أميرتي
أما العباس بن الأحنف نجد أن ديوانه زاخراً بشعر الحب ولا مكان فيه لآي غرض أخر من الأغراض التقليدية والتي كانت مألوفة في الشعر العربي القديم، فلا يمدح ولا يهجو، ولا يرثي ولا يفخر، فهو شاعر عاشق فحسب، وتنطق قصائده في حبيبته فوز بعاطفة صادقة وشاعرية أصيلة، قال:
أَمــيـرَتـي لا تَــغـفِـري ذَنــبــي
فَــــإِنَّ ذَنــبــي شِــــدَّةُ الــحُـبِّ
يــا لَـيـتَني كُـنـتُ أَنــا الـمُبتَلى
مِــنــكِ بِــأَدنــى ذَلِـــكَ الــذَنـبِ
حَــدَّثـتُ قَـلـبـي كــاذِبـاً عَـنـكُـمُ
حَـتّى اِسـتَحَت عَينَيَ مِن قَلبي
إِن كـانَ يُـرضيكُم عَذابي وَأَن
أَمـــوتَ بِـالـحَـسرَةِ وَالــكَـربِ
فَـالـسَمعُ وَالـطاعةُ مِـنّي لَـكُم
حَسبي بِما تَرضَونَ لي حَسبي[/color][/color]